مشروع قانون الاجراءات الجنائية انتقاص لضمانات المحاكمة العادلة وقيود على حق الدفاع
بيان صحفي
القاهرة 2 /9 / 2024
تابعت مؤسسة الحقانية للحقوق والحريات المناقشات الخاصة بـمشروع قانون الإجراءات الجنائية باللجنة التشريعية بمجلس النواب والتي جاءت بعض موادها مخالف ومختزل لنصوص الدستور المتضمنة في الباب الثالث.
الخاص بالحقوق والحريات والواجبات العامة وخاصة ضمانات المحاكمة العادلة والمنصفة وكفالة حق الدفاع وقد جادت بعض نصوص مسودة المشروع مخالفة لمقاصد المشرع الدستوري والتفات على النصوص الواضحة فيه خاصة المواد ٩٦ و٩٨ و٥٤ من الدستور.
ورغم أن مشروع التعديلات جاء بها تنفيذ استحقاقات دستورية وذلك من خلال استحداث درجتي التقاضي في محكمة الجنايات بأنشاء دوائر استئناف لأول مرة وكذلك تقليص مدة الحبس الاحتياطي وتنظيم التعويض المادي للمحبوسين احتياطيا وكذلك نظام جديد للشهود وكذلك استحداث اجراءات الطعن على المنع من السفر ونظام جديد للإعلانات القضائية عن طريق التليفون المحمول وبيانات بطاقة الرقم القومي ومعالجة أفضل لتعامل القضاء مع المتهمين المصابين باضطرابات نفسيه بالإضافة لتمكين المتهم بالاتصال بذويه ومحاميه واقرار حق الصمت للمتهم الا ان المشروع أغفل استحقاقات دستورية وتحديدا نص المادة 74 من الدستور التي منحت المجلس القومي لحقوق الانسان الحق فى التدخل في الدعوى المدنية منضما للمدعى بالحق المدني بالإضافة الى نص المادة 99 من الدستور التي نصت على انه كل اعتداء على حق من الحقوق الدستورية جريمة لا تسقط بالتقادم.
ولكن نشير الي ان ما أعطاه المشرع في التعديلات باليد اليمنى سلبه باليد اليسرى في مواد خطيرة تسلب المحاكمة من ضمانات عادلة وجوهرية في حقوق المتهمين ومن هنا ازاء تلك المواد الخطيرة.
ان قانون الاجراءات الجنائية من القوانين المكملة للدستور وفلسفته القائمة على حماية الحقوق والحريات وضمانات المحاكمة الجنائية المنصفة وكذلك فصل سلطة الاتهام عن التحقيق تقتضي التريث في مناقشة مواده خاصه أننا أمام تعديل شامل لمواد القانون منذ وضع القانون في عام 1950 ولذلك ترفض مؤسسة الحقانية نصوص المشروع بمواده الحالية وتدعو الى مناقشة أوسع بين المجتمع المدني بأطيافه قبل خروجه للنور.
وقد سبق لمؤسسة الحقانية للحقوق والحريات تنظيم ندوة حول الاستحقاقات الدستورية في قانون الإجراءات الجنائية مع وحدة البحث والتطويرالتشريعى، واللجنة التشريعية بالمجلس القومي لحقوق الإنسان بتاريخ 28 يناير 2018 والتي تبنت توصيات ندوة الحقانية فيما يتعلق بمشروع تعديلات لقانون الاجراءات الجنائية وقتها وكانت ابر ز تلك التوصيات وهي ارجاء مناقشة مشروع التعديلات حتى يتسنى لجميع أطراف المعنية بإبداء الملاحظات عليه وهو ما نعيد التأكيد عليه مره ثانية .
وفيما يلي ملاحظات الحقانية حول بعض مواد المشروع والتي ستتقدم بدراسة أعمق وشامله وتقدمها الى اللجنة التشريعية لمناقشتها قبل اقرارها والمتسقة مع النصوص والمبادئ الدستورية المستقر عليها .
أولا :
جاءت نصوص المواد ٥١٩ و٥٢١ بالمشروع المتعلقة بالحماية القانونية للشهود مخالفة للمقصد الدستوري بحماية المبلغين والشهود في قضايا يكون تعريض حياتهم للخطر وخاصة في قضايا التعذيب والاعتداء على السلامة الجسدية ولكن في المشروع تمت مخالفة ذلك وتمت اضافة ذلك بشكل مطلق دون تحديد نوعية تلك القضايا
ثانيا :
جاء المشروع في نص المادة٥٢٢ حول التعويض المادي للمحبوسين احتياطيا تضييق على المستحقين في التعويض فتم استبعاد حكم البراءة المبني على البطلان والتشكيك في صحة الاتهام وجعل التعويض في حالتين فقط أن الواقعة غير معاقب عليها وغير صحيحة وفي هذا امر تقييد للحق الدستوري
ثالثا :
جاء المشروع بالتوسع في المحاكمات عن بعد وليس فقط الحبس الاحتياطي المتبع حاليا عن طريق الفيديو كون فرانس ولكن شمل المشروع التوسع في المحاكمات وإجراءاتها في المواد ٥٢٥ و٥٢٦ وجلسات المحاكمة هي جلسات مصيرية للمتهم في التواصل الشخصي المباشر بين المتهم ومحاميه وخاصة إذا كان المتهم مورس ضده أي عنف او إكراه بدني داخل محبسه يريد الإفصاح عنه بشكل مباشر دون الخوف من وجود من مارس ذلك عليه في محبسه أو مكان احتجازه.
رابعا :
جاءت المادة ٣٦٨ من المشروع في النص على الآثار التبعية للحكم الغيابي النافذة رغم عدم صدور الحكم حضوريا تجاه المتهم الذي لم يمثل فيه أو وكيله ولم يقدم فيه دفاع .
خامسا :
جاء نص المادة ١٧٢ بتقييد وحرمان المتهم في طلب ندب قاضي تحقيق في الجرائم المتهم فيها موظف عام او مستخدم عام أو أحد رجال الضبط اذا وقعت الجريمة أثناء تأدية عمله او بسببها .
سادسا :
جاء بالمشروع انتقاص من ضمانات المتهم أثناء التحقيق كما جاد المشروع بصلاحية لاستجواب المتهم من قبل مأموري الضبط القضائي في حالة الخشية من فوات الوقت في الفقرة الأخيرة من المادة ٦٣ من مشروع القانون وهو عمل قضائي سلطة التحقيق الأصيلة بهذا الإجراء الجوهري وذلك بإجراء بعض اجراءات الخاصة بالتحقيق في حالة الاستعجال طبقا لنص الفقرة الأخيرة من المادة ٦٩ من المشروع بالمخالفة لنصوص الدستور بعمل أي إجراء من إجراءات التحقيق في حضور الخصوم .
سابعا :
جاءت بعض نصوص مشروع التعديلات تستهدف تسريع وتيرة التقاضي بمحاكمات ناجزة الا ان ذلك مرهون بعدم الانتقاص في حق المتهم في التقاضي وابداء الدفاع وذلك على سبيل المثال في نصوص المواد 240 و241 فيما يتعلق بعدم اعلان بعض المتهمين بالحضور للجلسة ففي حالة عدم اعلان بعض المتهمين واعلان اخرين يصبح الحكم حضوري على جميع المتهمين الأمر الذى يحرم المتهم من ضمانات ابداء دفاع أو استدعاء شهود او أى اجراء يراه المتهم كضمانة للمحاكمة العادلة طبقا لنص المادة 96 من الدستور ضماناته أثناء النظر الدعوى الجنائية .
فإذا كان للمجتمع مصلحة في أن يعرف المجرم الحقيقي حتى لا يظل دون عقاب فان هناك مصلحة أهم و أشمل وأجدر بالحماية، وهي أن لا يدان برئ واحد ظلما وعدوانا ومن هذا المنطق يقاس نجاح أي نظام قانوني بمدى التوافق بين مصلحة المجتمع في استيفاء حقه في عقاب الجاني وبين مصلحة الفرد في إثبات براءته وذلك عن طريق كفالة حق الدفاع عن نفسه.
ثامنا :
تضمنت بعض مواد المشروع انتقاص من دور المحامي في إثبات ما يتعلق بأي تجاوز اثناء التحقيق الا بعد ان يأذن وكيل النيابة بذلك وفي ذلك تقييد لحق المحامي في اثبات اي ملاحظات داخل غرفة التحقيق كحضور محرر محضر الضبط كما جاءت المادة ٢٤٢ من المشروع بانتقاص ضمانة من ضمانات الدفاع وكفالة حرية الدفاع للمحامي بوضع عبارة عامة بإحالة المحامي إلى النيابة العامة إذا صدر منه تشويش مخل بالجلسة او احالته الى رئيس المحكمة لمحاكمته تأديبه دون توضيح تلك العبارة الخاصة بالتشويش .
وترى مؤسسة الحقانية ان اقرار مشروع التعديلات بهذه النصوص يسلبه الحماية الدستورية طبقا لنصوص الدستور المنصوص عليها ويجعله في مرمي الطعن بعدم الدستورية وكذلك مخالفة الاستراتيجية الوطنية لحقوق الانسان في العدالة الجنائية وقيود على الحق في التقاضي والدفاع وانتقاص لضمانات المحاكمة العادلة المنصفة
ومن هنا تدعو مؤسسة الحقانية اللجنة التشريعية بمجلس النواب بتوسيع دوائر المشاركة بين كافة المعنيين بهذا المشروع الخطير وعقد جلسات استماع والاستماع لكافة الملاحظات فيما يتعلق بتلك المواد الخطيرة والمخالفة للنصوص الدستورية في استقلالية السلطة القضائية وحقوق وضمانات المتهم والدفاع في المحاكمة الجنائية وفصل سلطة الاتهام عن التحقيق .